لم يستعجلوا
فقد كنت في أحد المجالس ، وتطرق الحديث لما يقوم به بعض الشباب من أعمال عدوانية وتخريبية ، في قمتها إزهاق الأنفس المعصومة ، وذكرت أن تلك الأعمال قد شوهت سمعة الإسلام العالمية ، وجعلت المسلم مظنة للإجرام ....
هنا قال أحد الإخوة الحاضرين: "الشباب هداهم الله استعجلوا في ذلك" ، فقلت لم يستعجلوا، ولكن أخطئوا وأجرموا ، وسلكوا طريقاً لا يصح سلوكه لا الآن ولا بعد خمسين سنة فالتفجيرات والاغتيالات لا تكون أبداً طريقاً للإصلاح ، فالإسلام مجموعة من القيم والمبادئ العظيمة وهذه لا تُفرض فرضاً بقوة السلاح على أحد ، وتعميمها وترسيخها في المجتمع يتم عن طريق التربية والتعليم والدعوة والإعلام ...
إن المشكلة الأساسية أن من يقومون بالأعمال التي أشرنا إليها هم ما بين جهلة وأنصاف متعلمين ، وهؤلاء لا يعرفون روح شريعتنا الغراء ولا أصولها ، كما لا يعرفون ما قاله أهل العلم في كثير من أعمالهم الشنيعة ، ومع الجهل يمكن أن يحدث كل شيء .
أنا اليوم لا أريد مناقشة هذا الموضوع لكن أود أن أشير إلى عدد من النصوص التي تؤكد على حرمة دم المسلم وأهمية صونه والمحافظة عليه .
يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً )) قال ابن العربي المالكي : الفسحة في الدين: سعة الأعمال الصالحة حتى إذا جاء القتل ضاقت لأنها لا تفي بوزره ؛ والفسحة في الذنب : قبوله الغفران بالتوبة حتى إذا جاء القتل ارتفع القبول . وقال :صلى الله عليه وسلم : (( لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم )) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار )) وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف حول الكعبة ويقول: (( ما أطيبك وأطيب ريحك ! وما أعظمك وأعظم حرمتك؟ والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك: ماله ودمه ، وأن لا نظن به إلا خيراً))
اللهم اهدنا ، واهد بنا ، ويسر الهدى لنا وقنا شرور أنفسنا وأصلح لنا شأننا كله ، واجعلنا من أهل خاصتك و ولايتك إنك سميع مجيب.
وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
االدكتور : عبد الكريم بكار