الروح الرحبة

الروح الرحبة

إن أجمل ما في الحياة هو ذلك التعاطف الذي نلمسه من أولئك الذين يساندوننا في الشدائد ، ويقتسمون معنا الهموم التي نشعر بها ، والحقيقة أيها الإخوة والأخوات أن الناس مع التمدن والتقدم العمراني يتفتح وعيهم على مصالحهم الخاصة ، ويصبح اهتمامهم بمن حولهم وبإخوانهم المسلمين ضعيفاً أو معدوماً ، ولهذا فإننا في حاجة إلى استلهام معاني ديننا العظيم في حب الخير للناس والإحساس بهم .

كلما كانت صدورنا أوسع وأرواحنا أرحب وجدنا قلوبنا تخفق مع مئات الناس الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم ، وإن الإسلام يريد منا أن نخرج من القمقم الذي نجد أنفسنا فيه نتيجة تنامي الروح الأنانية لدينا إلى فضاء الإنسانية الرحب ، وهذا ما كان يتجسد في سيرته صلى الله عليه وسلم وسيرة كل أولئك الناس الذين فقهوا معنى التدين على الوجه الصحيح ، وقد ثبت أنه مرت جنازة برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوقف ووقف معه أصحابه حتى جاوزتهم ، فقال أحدهم : يا رسول الله : إنها ليهودي ! فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ أليست نفساً .

أعرف شخصاً إذا رأى في الشارع سيارة متهالكة قال : يا رب ارزق أخي خيراً منها ، وإذا حدث اصطدام بين سيارتين قال : اللهم أخلف على إخواني وعوَّضهم خيراً ، وإذا سمع صوت سيارة إسعاف قال : اللهم اشف من بداخلها وارحمه واغفر له ... شيء عظيم يجب أن نتعلمه ، ونعمل به .

نحن نستطيع أن نهذب نفوسنا من خلال الاهتمام بالآخرين ومساعدتهم ، ونستطيع أن نضاعف أفراحنا من خلال رؤيتنا لفرحة من حولنا ، فالكبار من الناس يُنعشون أرواحهم من خلال العطاء والتشجيع والتحفيز والتعاطف ، أما الصغار فإنهم يظنون أن السعادة في الأخذ ، ثم يكتشفون بعد ذلك أنهم لا يشعرون بالسعادة الحقيقة لافي وقت الأخذ ولا في وقت العطاء .. لنترك التلوينات والاعتبارات الثقافية والعرقية والإقليمية ، فلنحاول أن نتخلق بخلق الإحسان والذي يعني أن نصل من يقطعنا ونعطي من يحرمنا ونهتم بمن يهملنا حتى يكمل إيماننا ونفوز بمرضاة الله سبحانه وتعالى.



و إلى أن ألقاكم في رسالة قادمة أستودعكم الله و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

محبكم د. عبد الكريم بكار